كتب محمد الدكروري مجلة أخبار الطبيعة
الدكرورى يكتب عن القائد الأموي الحجاج بن يوسف الثقفي "جزء 4"
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع القائد الأموي الحجاج بن يوسف الثقفي، وكانت له الغلبة عليهم في كل الحروب، وأمعن في الظلم والتجبر، فصادر كل الحريات، بما فيها حرية الكلام عن طريق استخباراته، وحبس الناس، وأمعن في تشريدهم وقتلهم، ومنع الأعراب من الهجرة إلى المدن، وبنى مدينة واسط، فجعلها عاصمته، وهكذا فإن الحجاج بن يوسف الثقفى والذى ولد في سنة مائة وواحد وستين ميلادى، ونشأ في ظل عائلة كريمة من عائلات ثقيف، وكان والده رجلا مميزا، إذ كان مطلعا على العلم وفضائل الآداب، حتّى أنه كرّس حياته لتعليم أبناء الطائف القرآن الكريم، دون تلقي أجر على عمله هذا، ومن هذا المنطلق حفظ الحجاج كتاب الله على يد والده، ثم ولج إلى حلقات أئمة وكبار العلم من الصحابة والتابعين، أمثال عبد الله بن عباس، وأنس بن مالك.
وسعيد بن المسيب، وغيرهم، وبعد ذلك انخرط في تعليم الصبيان شأنه في ذلك مثل شأن والده، وقد أثرّت نشأة الحجاج في الطائف على فصاحته، فقد اتصل بقبيلة هذيل التي كانت تُعد أفصح العرب، وبرع في مجال الخطابة، وفي عام ستة وسبعين من الهجره، وجه الحجاج زائدة بن قدامة الثقفي لقتال شبيب الشيباني، فكانت الغلبة لشبيب، وفي السنة التي تليها بعث الحجاج لحرب شبيب عتاب بن ورقاء الرباحي، والحارث بن معاوية الثقفي، وأبو الورد البصري، وطهمان مولى عثمان، فاقتتلوا مع شبيب في سواد الكوفة، فقتلوا جميعا، وعندها قرر الحجاج الخروج بنفسه، فاقتتل مع شبيب أشد القتال، وتكاثروا على شبيب فانهزم وقتلت زوجته غزالة، الحرورية وكانت تقود النساء الخارجيات، ويروى أنها نذرت أن تصلي ركعتين في مسجد الكوفة.
والحجاج بها تقرأ فيهما سورتي البقرة وآل عمران ووفت بنذرها في حماية سبعون من جند الخوارج ولم يستطع الحجاج منعها وقيل في ذلك الكثير من أبيات الشعر، ومن أشهرها "وفت غزالة نذرها رب لا تغفر لها" فهرب شبيب إلى الأهواز، وتقوى فيها، غير أن فرسه تعثر به في الماء وعليه الدروع الثقيلة فغرق، وقضى الحجاج على من بقي من أصحابه، وفي تسعه وسبعين أو عام ثمانين من الهجرة تم قتل قطري بن الفجاءة رأس الخوارج، و أتوا به إلي الحجاج برأسه، بعد حرب طويلة، وفى وقتها، ولى الحجاج عبد الرحمن بن محمد الأشعث على سجستان، فلما استقر بها خلع الحجاج، وخرج عليه، وكان ذلك ابتداء حرب طويلة بينهما، وفي واحد وثمانين من الهجره، قام مع الأشعث أهل البصرة، وقاتلوا الحجاج يوم عيد الأضحى، وانهزم الحجاج.
فقيل كانت أربع وثمانون وقعة في مائة يوم، وثلاث وثمانون على الحجاج والباقية له، وفي عام اثنين وثمانين من الهجره، استعرت الحرب بين الحجاج وابن الأشعث، وبلغ جيش ابن الأشعث مبلغا كبيرا من القوة و الكثرة، ثم جاءت سنة ثلاثه وثمانين من الهجره، وفيها وقعة دير الجماجم بين الحجاج و ابن الأشعث، وكانت من أكثر الوقائع هولا في تاريخ الحجاج، وفيها كان له النصر على الثوار من أصحاب ابن الأشعث، وتم قتل خلق كثير فيها، وغنم الحجاج شيئا كثيرا، وفيها ظفر الحجاج بكل أصحاب ابن الأشعث، بين قتيل وأسير، إلا ابن الأشعث، فقد هرب، لكن أصحاب الحجاج ظفروا به في سجستان فقتلوه، وطيف برأسه في البلدان، وبعد وقعة دير الجماجم، كان هناك من حاولوا الدس للحجاج عند عبد الملك بن مروان.
لكن الحجاج احتج على عبد الملك بحسن بلاغته، ثم مات عبد الملك بن مروان في عام سته وثمانين من الهجره، وتولى ابنه الوليد بعده، فأقر الحجاج على كل ما أقره عليه أبوه، وقربه منه أكثر، فاعتمد عليه، وكان ذلك على كره من أخيه وولي عهده سليمان بن عبد الملك، وابن عمه عمر بن عبد العزيز، وفي ولاية الوليد هدد سليمان بن عبد الملك الحجاج إذا ما تولى الحكم بعد أخيه، فرد عليه الحجاج مستخفاً مما زاد في كره سليمان له ولمظالمه، وإذ ذاك كان قتيبة بن مسلم يواصل فتوحه في المشرق، ففتح بلادا كثيرة في تركستان الشرقية وتركستان الغربية واشتبكت جيوشه مع جيوش الصين وكان الحجاج من سيره إلى تلك البلاد، وفي نفس الوقت قام ابن أخ الحجاج بفتح بلاد السند التى هى باكستان اليوم، وقد تطلع الحجاج بعد أن قطع دابر الفتنة.
تعليقات
إرسال تعليق