كتب محمد الدكروري مجلة اخبار الطبيعة
الدكروى يكتب عن ثمرات الصدق من الله " جزء 2"
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثاني مع ثمرات الصدق من الله، فينبغي عليك أن لا تستحيي من الخلق، وألا تبارز الخالق سبحانه وتعالى بالكذب، قل الصدق ولا تبالي بأحد، وأنت إذا عودت نفسك الصدق، فإنك في المستقبل سوف تصلح حالك، أما إذا أخبرت بالكذب وصِرت تكتم عن الناس وتكذب عليهم، فإنك سوف تستمر في غيك، ولكن إذا صدقت فإنك سوف تعدل مسيرك ومنهاجك، فعليك بالصدق فيما لك وفيما عليك، حتى تكون مع الصادقين الذين أمرك الله أن تكون معهم وإن أفضل الصديقين على الإطلاق أصدقهم، وهو أبو بكر رضي الله تعالى عنه، عبد الله بن عثمان بن أبي قحافة، الذي استجاب للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، حين دعاه إلى الإسلام ، ولم يحصل عنده أي تردد وأي توقف، فبمجرد ما دعاه الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى الإسلام أسلم.
وصدق النبي صلى الله عليه وسلم حين كذبه قومه، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم حين أخبر عن الإسراء والمعراج وكذبه الناس وقالوا كيف تذهب يا محمد من مكة إلى بيت المقدس وترجع في ليلة واحدة، ثم تقول إنك صعدت إلى السماء؟ فهذا لا يمكن، ثم ذهبوا إلى أبي بكر رضي الله عنه وقالوا له أما تسمع ما يقول صاحبك؟ قال أبى بكر وماذا قال؟ قالوا له إنه قال كذا وكذا، فقال أبى بكر الصديق رضي الله تعالى عنه " إن كان قال، فقد صدق" فمنذ ذلك اليوم سُمى بالصديق رضي الله عنه، وأما الكذب فإن النبي الكريم صلى الله عليه، وسلم، حذر منه، فقال " وإياكم والكذب " ومعنى إياكم هو للتحذير، أي احذروا الكذب والكذب هو الإخبار بما يخالف الواقع. سواء كان ذلك بالقول أو بالفعل، وقوله صلى الله عليه وسلم "وإن الكذب يهدي إلى الفجور"
فإن الفجور هو الخروج عن طاعة الله عز وجل، لأن الإنسان يفسق ويتعدى طوره ويخرج عن طاعة الله تعالى إلى معصيته، وأعظم الفجور هو الكفر عياذا بالله فإن الكفرة فجرة، كما قال الله عز وجل فى كتابه الكريم كما جاء فى سورة عبس " أولئك هم الكفرة الفجرة" وقال الله عز وجل فى كتابه الكريم كما جاء فى سورة المطففين " كلا إن كتاب الفجار لفى سجين، وما أدراك ما سجين، كتاب مرقوم، ويل يؤمئذ للمكذبين، الذين يكذبون بيوم الدين " ولقد رغب الإسلام في الصدق وحث عليه في مجالات الحياة كلها واهتم به اهتماما كبيرا، ولأهمية الصدق والعناية به في شئون الحياة كلها تضافرت نصوص القرآن الكريم والسنة النبويه في الحث عليه والتحلي به فقد ورد لفظ الصدق في القرآن الكريم في ثلاثة وخمسين ومائة موضعا، وإن الأنبياء عليهم السلام كلهم موصوفون بالصدق.
فالله خلق اللسان آلة للنطق وعلى الإنسان أن يستخدمها في الصدق والخير والذكر، وإلا فالصمت أولى وأنجى، فيقول أبو حاتم إن الله عز وجل فضل اللسان على سائر الجوارح، ورفع درجته، وأبان فضيلته، بأن أنطقه من بين سائر الجوارح بتوحيده، فلا يجب للعاقل أن يعود آلة خلقها الله للنطق بتوحيده بالكذب، بل يجب عليه المداومة برعايته بلزوم الصدق، وما يعود عليه نفعه في داريه، لأن اللسان يقتضي ما عُود إن صدقا فصدقا، وإن كذبا فكذبا، وإن صلاح اللسان صلاح لأعضاء الجسد كلها وفساده فساد لأعضاء الجسد كلها، وقد ضمن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الجنة لمن حفظ لسانه من خبيث الكلام، وهكذا رغب الإسلام في الصدق ورهب من الكذب كما جاء في القرآن والسنة، وإن كثير من الناس يعتقد أن الصدق مقتصر على مطابقة الخبر للواقع.
أي كذب اللسان أن يحدث بخلاف الواقع وهذا أحد أنواع ومجالات الصدق وهناك أنواع ومجالات أخرى للصدق تتمثل فى صدق اللسان، وهو الصدق في الأقوال وهو أشهر أنواع الصدق وأظهرها وصدق اللسان لا يكون إلا في الإخبار، وحق على كل عبد أن يحفظ ألفاظه، فلا يتكلم إلا بالصدق وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم الصمت إذا كان الكلام يجلب شرا، شعبة من شعب الإيمان، فعن أبى هريرة رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت " رواه البخارى ومسلم، وقال الإمام النووي رحمه الله في رياض الصالحين" واعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاما ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فالسنة الإمساك عنه، لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه، وذلك كثير في العادة، والسلامة لا يعدلها شيء"
تعليقات
إرسال تعليق