كتب محمد الدكروري مجلة أخبار الطبيعة

 الدكروري يكتب عن الفقهاء من الصحابة "جزء 2"

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

ونكمل الجزء الثاني مع الفقهاء من الصحابة، وقد ألحق بهم أهل الشورى الذين جعلهم عمر بن الخطاب رضي الله عنهم، وأما ابن مسعود فكان فقيه الصحابة، ومنتدبا للفتوى وكذلك ابن عباس، وزيد بن ثابت، ممن شهد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بأنه أفرض الأئمة، والمعتبر تصديه لهذا المعنى من غير نكير، أو شهادة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومراجعة الأولين له، وقد كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، خير سلف لنا، فقد كانوا يتسابقون إلى معرفة كلام الله تعالى على لسان رسوله الأمين محمد صلى الله عليه وسلم، حينما ينزل عليه الوحي، كما كانوا يتنافسون في حفظ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحركاته وسكناته، ويتسابقون أيضا إلى طاعة الله ورسوله، ويبذلون كل طاقاتهم في سبيل الله فبرز منهم رواة الحديث، والفقهاء، والقراء، فكانوا بلا شك أئمة الحديث والفتيا والتبليغ عن الله ورسوله.


لأمة الإسلام من بعدهم جيلا بعد جيل وحتى يومنا هذا، وقد ذكر ابن قيم الجوزية، أن علماء الدين هم الدعاة إلى الله والتبليغ عن رسوله صلى الله عليه وسلم، منحصرة في قسمين، فأحدهما هم حفاظ الحديث، وجهابذته، والقادة الذين هم أئمة الأنام، وزوامل الإسلام، الذين حفظوا على الأئمة معاقد الدين ومعاقله، وحموا من التغيير والتكدير موارده ومناهله، ثانيهما هم فقهاء الإسلام، وهم من دارت الفتيا على أقوالهم بين الأنام، الذين خصوا باستنباط الأحكام، وعنوا بضبط قواعد الحلال والحرام، فهم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء، بهم يهتدي الحيران في الظلماء وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجاتهم إلى الطعام والشراب، ثم يصف لنا ابن قيم الجوزية الشروط التي تجب فيمن يبلغ عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ونلخصها في العلم والصدق، أي يكون عالما بما يبلغ، صادقا فيه ثم يضيف إلى ذلك بأن يكون حسن الطريقة، مرضي السيرة.


عدلا في أقواله وأفعاله، متشابه السر والعلانية في مدخله ومخرجه وأحواله، ثم يسرد لنا ابن قيم الصفات المختلفة ليذكر أن أول من قام بالتبليغ عن رب العالمين هو رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين، ثم قام بالفتوى بعده صحابته الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، ورغم أن ابن حزم، قد ذكر لنا أن عدد صحابته قد بلغ بلا شك أكثر من ثلاثين ألف إنسان غير وفود الجن وأخذوا عنه صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم وشرائع الإسلام، إلا أنه يذكر لنا أن عدد من روى عنه الفتيا قليل فيقول " ثم لم ترو الفتيا في العبادات والأحكام إلا عن مائة ونيف وثلاثين منهم فقط من رجل وامرأة بعد التقصي الشديد، فكيف يسع من له رمق من عقل، أو مسكة من دين وشعبة من حياء أو يدعي عليهم الإجماع فيما لا يوقن أن جميعهم قال به وعلمه " وإذا كان أهل الحديث يخصون الصحابي بمن صحب النبي صلى الله عليه وسلم، قليلا أو كثيرا، ويرون عنه. 


فإن فقهاء الصحابة هم الذين طالت صحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم على طريق التتبع والأخذ منه وعرفوا بالفقه والنظر، وهم الذين حفظت عنهم الفتوى، وكانوا يسمون بالقراء، بل ظل هذا لقب أهل الفتيا فترة طويلة في صدر الإسلام، ويقول ابن خلدون " ثم إن الصحابة كلهم لم يكونوا أهل فتيا، ولا كان الدين يؤخذ عن جميعهم، وإنما كان ذلك مختصا للحاملين للقرآن، العارفين بناسخه ومنسوخه، ومتشابهه ومحكمة، وسائر دلالته مما تلقوه عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أو ممن سمعه منهم من عليتهم، وكانوا يسمون لذلك القراء، أي الذين يقرءون الكتاب، لأن العرب كانوا أمة أمية، فاختص من كان منهم قارئا للكتاب بهذا الاسم لغرابته يومئذ، وبقي الأمر كذلك صدر الملة، ثم عظمت أمصار الإسلام، وذهبت الأمية من العرب، بممارسة الكتاب، وتمكن الاستنباط وكمل الفقه.


وأصبح صناعة وعلما" وقد ذكر ابن القيم في إعلام الموقعين أن الذين حفظت عنهم الفتوى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مائة ونيف وثلاثون نفسا، ما بين رجل وامرأة، وجعل منهم المكثرين والمقلين، ويحوز الصحابة الكرام، وبالأخص من كان من المهاجرين والأنصار فوق من أسلم بعد عام الفتح، وإن كانت مكانة الصحابة ككل دون مرتبة أهل البيت على كل حال، وأن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، من يستحق المراتب العليا وقد مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة بأشخاصهم وزكاهم، ولقد كان هؤلاء الصحابة الكرام ممثلين صادقين لتراث رسول الله صلى الله عليه وسلم، الخلقي، ودعاة الإسلام في المستقبل، وحملة تعاليم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، التي بلغها إلى أهل التقوى والورع.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الصادق يوضح تأثير الأورام الليفية الرحمية على عمليات الحقن المجهرى كتبت هدي العيسوي

أحمد الصادق يوضح الفرق بين الحقن المجهرى وأطفال الأنابيب كتبت هدي العيسوي

كتبت هدى العيسوي مجلة اخبار الطبيعة