كتب الاستاذ محمد الدكروري مجلة اخبار الطبيعة

 الدكروري يكتب عن الإمام ابن العربي " جزء 5"

بقلم / محمـــد الدكـــروري  


وأيضا كان من مؤيديه هو عبد الغني النابلسي، حيث قال مادحا كتب ابن عربي، كتبه النور لمن يبصرها وهي تروي كل صادي القلب ري، من كتاب الله والسنة قد خرجت تختال في أبهى حلي، وأما الساكتون عنه فهو الشيخ شرف الدين المناوي، حيث سئل عن الشيخ ابن عربي فأجاب أن السكوت عنه أسلم، وهذا هو اللائق بكل ورع يخشى على نفسه، وأيضا الشوكاني، وقد كان من المنتقدين للشيخ ابن عربي بل والمكفرين له فرجع عن قوله في آخر حياته، فقال ردا على سؤال وجّه له بخصوص الحلاج وابن عربي فأجبت عن هذا السؤال برسالة في كراريس سميتها "الصوارم الحداد القاطعة لعلائق مقالات أرباب الاتحاد" وكان تحرير هذا الجواب في عنفوان الشباب وأنا الآن أتوقف في حال هؤلاء وأتبرأ من كل ما كان من أقوالهم وأفعالهم مخالفا لهذه الشريعة البيضاء الواضحة التي ليلها كنهارها ولم يتعبدني الله بتكفير من صار في ظاهر أمره.


من أهل الإسلام، وأما عن المخالفون له فمنهم الحافظ الذهبي، حيث يقول عن ابن عربي صنف التصانيف في تصوف الفلاسفة وأهل الوحدة، فقال أشياء منكرة عدّها طائفة من العلماء مروقا وزندقة، وعدّها طائفة من العلماء من إشارات العارفين ورموز السالكين، وعدّها طائفة من متشابه القول، وأن ظاهرها كفر وضلال وباطنها حق وعرفان، وأنه صحيح في نفسه كبير القدر، وآخرون يقولون قد قال هذا الباطل والضلال، فمن الذي قال إنه مات عليه، فالظاهر عندهم من حاله أنه رجع وأناب إلى الله، فإنه كان عالما بالآثار والسنن، قوي المشاركة في العلوم وقولي أنا فيه أنه يجوز أن يكون من أولياء الله الذين اجتذبهم الحق إلى جنابه عند الموت وختم له بالحسنى، فأما كلامه فمن فهمه وعرفه على قواعد الاتحادية وعلم محط القوم، وجمع بين أطراف عباراتهم تبين له الحق في خلاف قولهم، وأيضا من المخالفين هو ابن تيمية، حيث قال ابن عربي صاحب فصوص الحكم.


وهي مع كونها كفرا فهو أقربهم إلى الإسلام لما يوجد في كلامه من الكلام الجيد كثيرا ولأنه لا يثبت على الاتحاد ثبات غيره بل هو كثير الاضطراب فيه وانما هو قائم مع خياله الواسع الذي يتخيل فيه الحق تارة والباطل أخرى والله أعلم بما مات عليه، وأيضا من المخالفين هو ابن خلدون، حيث قال هؤلاء المتأخرين من المتصوفية المتكلمين في الكشف وفيما وراء الحس توغلوا في ذلك فذهب الكثير منهم إلى الحلول والوحدة كما أشرنا إليه وملأوا الصحف منه مثل الهروي في كتاب المقامات له وغيره وتبعهم ابن العربي وابن سبعين وتلميذها أبن العفيف وابن الفارض، وأيضا من المخالفين هو أبو زرعة العراقي، حيث قال لا شك في اشتمال" الفصوص" المشهورة على الكفر الصريح الذي لا شك فيه، وكذلك "فتوحاته المكية" فإن صحّ صدور ذلك عنه، واستمر عليه إلى وفاته فهو كافر مخلد في النار بلا شك، ويروي الشوكاني عن العز بن عبد السلام. 


في كتابه الصوارم الحداد القاطعة لعلائق أرباب الاتحاد، قال الفقيه أبو محمد بن عبد السلام لما قدم من القاهرة وسألوه عن ابن عربي فقال شيخ سوء معتوه، يقول بقدم العالم، ولا يحرم فرجا، قال ذلك قبل أن يظهر من قوله إن العالم هو الله، ثم قال بعد أن عدد مثالبهم ولم أصف عشر ما يذكرونه من الكفر ثم قال فرؤساؤهم أئمة الكفر ويجب قتلهم، ولا تقبل توبة أحد منهم إذا أخذ قبل التوبة، فإنه من أعظم الزنادقة ثم قال ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم، أو عظم كتبهم، أو عُرف بمساعدتهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم ولم يعاون على القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ والعلماء والأمراء والملوك، ثم قال وأما من قال لكلامهم تأويل يوافق الشريعة فإنه من رؤوسهم وأئمتهم فإنه إن كان يعرف كذب نفسه وإن كان معتقدا لهذا ظاهرا وباطنا. 


فهو أكفر من النصارى، وكما قال تقي الدين السبكي ومن كان من هؤلاء الصوفية كابن عربي وابن سبعين وغيرهما فهؤلاء ضلال جهال خارجون عن طريقة الإسلام فضلا عن العلماء، وكما قال أبو حيان الأندلسي في تفسيره ومن بعض اعتقاد النصارى استنبط من أقر بالإسلام ظاهرا، وانتمى إلى الصوفية حلول الله في الصور الجميلة، ومن ذهب من ملاحدتهم إلى القول بالاتحاد والوحدة كالحلاج والشعوذي وابن أحلى وابن عربي المقيم بدمشق، وابن الفارض، وأتباع هؤلاء كابن سبعين وعد جماعة ثم قال "وإنما سردت هؤلاء نصحا لدين الله، يعلم الله ذلك، وشفقة على ضعفاء المسلمين، وليحذروا، فهم شر من الفلاسفة الذين يكذبون الله ورسله، ويقولون بقدم العالم وينكرون البعث، وقد أولع جهلة ممن ينتمي إلى التصوف بتعظيم هؤلاء، وادعائهم أنهم صفوة الله" وقال عنه ابن حجر العسقلاني قال أقوالا منكرة، ثم قال بعد أن ذكر سيرته وما يعتقده.


فوالله لأن يعيش المسلم جاهلا خلف البقر لا يعرف من العلم شيئا سوى سور من القرآن يصلي بها الصلوات ويؤمن بالله واليوم الآخر خير له بكثير من هذا العرفان وهذه الحقائق ولو قرأ مئة كتاب، أو عمل مئة خلوة، ثم قال وقد اغتر بالمحيي ابن عربي أهل عصره، وقال أيضا عنه كان ظاهري المذهب باطني الاعتقاد، وتوفي ابن العربي في دمشق في الثامن والعشرين من شهر ربيع الثاني عام ستمائة وثماني وثلاثين من الهجرة، الموافق السادس عشر من شهر نوفمبر عام ألف ومائتان وأربعين من الميلاد، ودفن في سفح جبل قاسيون.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الصادق يوضح تأثير الأورام الليفية الرحمية على عمليات الحقن المجهرى كتبت هدي العيسوي

أحمد الصادق يوضح الفرق بين الحقن المجهرى وأطفال الأنابيب كتبت هدي العيسوي

عميد كلية بدرجة إنسان ؛ يستجيب لنداء طالبتين عبر الهاتف لحضور الامتحان بعد ان اسودت الدنيا فى اعينهن