كتب الاستاذ محمد الدكروري مجلة اخبار الطبيعة
الدكروري يكتب عن المسلم الحق يُحسن إلى جاره
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد كان جبريل عليه السلام يوصي الحبيب المختار صلى الله عليه وسلم بالجار، فقيل أن رجل من الأنصار، قال "خرجت مع أهلي أريد النبي صلى الله عليه وسلم وإذا به قائم، وإذا رجل مقبل عليه، فظننت أن له حاجة، فوالله لقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جعلت أرثي له من طول القيام، ثم انصرف، فقمت إليه، فقلت يا رسول الله، لقد قام بك هذا الرجل حتى جعلت أرثي لك من طول القيام، فقال صلى الله عليه وسلم "أتدري من هذا؟" قال لا، قال صلى الله عليه وسلم "جبريل، ما زال يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورّثه، أما إنك لو سلمت عليه، لرد عليك السلام" رواه أحمد، وإن الجار أقرب الناس تجده لجاره، وأسرعهم إجابة لندائه، وهو الذي يطالع الإنسان صفحة وجهه في كل يوم، ويلاقيه أكثر من أهله وذويه، وهذا الجار له من الحقوق الكثيرة.
والتي عرّفها لنا الإسلام، وجهِلها كثير من الناس، حتى وصل الأمر من بعض الجيران أنهم لا يسترون عورةً، ولا يُقيلون عثرة، ولا يغفرون ذنبا، وقيل "من صلى معك الصبح في المسجد، فهو جار لك" وكما قيل أيضا أنه "من سمع النداء، فهو جار" وكان الأوزاعي يقول إن حد الجار أربعون دارا من كل ناحية، ونقل هذا الكلام عن السيدة عائشة رضي الله عنها، وقد توسع البعض في حد الجوار، فجعل كل من ساكن رجلا في محلة أو في مدينة، فهو جار، وإن للجار حقوق لا بد أن يعيها ويعلمها كل مسلم، وإن من الحقوق هو الإحسان إلى الجار بالقول والفعل، فالإحسان إلى الجار خلق كريم، يهيّئ القلوب إلى الخير، وحين يشعر الجار بسلام مع جاره ويراه يحسن إليه، يطمئن قلبه، وترتاح نفسه، وينشرح صدره، فالمسلم الحق هو الذي يُحسن إلى جاره، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
"كن ورعا تكن أعبد الناس، وكن قنعا تكن أشكر الناس، وأحبّ للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما" رواه ابن ماجة، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "يا أبا هريرة، كن ورعا تكن من أعبد الناس، وارضي بما قسم الله لك تكن من أغنى الناس، وأحبّ للمسلمين والمؤمنين ما تحب لنفسك وأهل بيتك، واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك تكن مؤمنا، وجاور مَن جاوروك بإحسان تكن مسلما، وإياك وكثرة الضحك فإن كثرة الضحك فساد القلب" رواه ابن ماجة، ولقد جعل الإسلام الإحسان إلى الجار من علامات أهل الإيمان، فعن أبي شريح الخزاعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليحسن إلى جاره" رواه البخاري ومسلم.
وفي رواية أخرى "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم جاره" رواه البخاري ومسلم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من يأخذ عني هذه الكلمات، فيعمل بهن أو يعلم مَن يعمل بهن؟" فقال أبو هريرة رضي الله عنه قلت أنا يا رسول الله، فأخذ بيدي، فعدّ خمسا، فقال "اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما، ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب" رواه احمد، فمن أراد أن يحبه الله ورسوله، فليحسن إلى جاره، فعن عبدالرحمن بن أبي قراد السلمي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن أحببتم أن يُحبكم الله ورسوله، فأدوا إذا ائتمنتم، واصدقوا إذا حدثتم، وأحسنوا جوار مَن جاوركم" وكما أن حسن الجوار يزيد في العمر، ويعمر الديار.
فعن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إنه من أعطي من الرزق، فقد أعطي حظه من الدنيا والآخرة، وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار، يعمُران الديار، ويزيدان في العمر" وأيضا من أراد أن يدخل الجنة، فليحسن إلى جاره، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال أن رجلا قال يا رسول الله دُلني على عمل إذا عملت به، دخلت الجنة، فقال "كن محسنا" فقال يا رسول الله، كيف أعلم أني محسن؟ قال "سل جيرانك، فإن قالوا إنك محسن، فأنت محسن، أو قالوا إنك مسيء، فأنت مسيء" رواه البيهقي، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال "قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم كيف لي أن أعلم إذا أحسنت وإذا أسأت؟ قال "إذا سمعت جيرانك يقولون قد أحسنت، فقد أحسنت، وإذا سمعتهم يقولون أسأت، فقد أسأت" فجارك هو الميزان أو المؤشر، الذي من خلاله تستطيع أن تعرف حقيقة نفسك، وهل أنت محسِن أم لا؟
تعليقات
إرسال تعليق