الدكروري يتكلم عن أمسك عليك لسانك بقلم / محمـــد الدكـــروري


 

الدكروري يتكلم عن أمسك عليك لسانك 

بقلم / محمـــد الدكـــروري


عليكم بالأعمال الصالحة أكثر ما استطعتم من الأعمال حتى تكثروا لأنفسكم من الشهود الذين يشهدون لكم بالحجة بين يدي الله رب العالمين، فما رأيكم في حال شخص أجلسه خصمه أمام القاضي، فأنكر الدعوى، لكن خصمه أثبت الدعوى عليه بشهود عدول، ودلائل بيّنات واضحات؟ لاشك أنه موقف صعب، لا يُحسد عليه، فإذا كان الأمر كذلك، فلنفكر في أمر أعظم من ذلك كله، إنه يوم العرض على الله عز وجل، ذلك اليوم الذي يُظهر الله فيه كل شيء، وسيكون الشهود في ذلك اليوم، من أصدق الخلق، وأعدلهم، فقال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم " أتدرون ما الغيبة؟" قالوا الله ورسوله أعلم، قال "ذكرك أخاك بما يكره" 


قيل أرأيت إن كان في أخي ما يقول؟ قال "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته" أي إن كان متصفا بهذه الصفة التي ذكرتها وهو لا يحب ذكرها "إن كان فيه فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته" رواه مسلم، أي إن كان فيه ما تقول فقد وقعت في الغيبة المنهي عنها، وإن كان بريئا فقد افتريت عليه واعتديت على عرضه وشخصه، وما أكثر البهتان اليوم بالوشاية، واتهام الناس بما ليس فيهم والسعي للإفساد عليهم، ولا نستثني من ذلك أحدًا إلا من رحم الله، وإن الواجب عليكم إذا سمعتم من يغتاب إخوانه من المسلمين أن تمنعوه وتذبوا عن أعراض إخوانكم، ألستم لو رأيتم أحدا قائما على جنازة رجل من المسلمين يأكل لحمه. 


ألستم تقومون عليه جميعا وتنكرون عليه، إن الغيبة كذلك تماما، وعن أبي موسى رضي الله عنه، قال قلت يا رسول الله أي المسلمين أفضل؟ قال "من سلم المسلمون من لسانه ويده" رواه مسلم، وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله "ما النجاة؟  قال "أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك" رواه الترمذي، ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "لما عُرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدروهم، فقلت "من هؤلاء يا جبريل؟ قال "هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم" رواه أبو داود، فالغيبة والنميمة كبيرة من الكبائر، زيّنها الشيطان للإنسان. 


فوقع في شراكه ومكره، وظلم الإنسان بها نفسه، وكم من ظن سيئ ظننت به أخاك المسلم من كلام سمعته أو غيبة حضرتها له ثم نقلتها ولم تتثبت مما قيل فيه، فشاركت هؤلاء بالإثم، والنميمة أشد خطرا من الغيبة لأنها تورث الفتنة والضغينة وتفرق بين المتآلفين وتباعد بين الإخوة والأقارب وتفرق بين الأصحاب والزوجين، ولو نظرت في أكثر الخلافات بين الناس اليوم لوجدت أن الحطب الذي يضرم نارها هي النميمة التي ينقلها الناس فيما بينهم، وهي تؤدي إلى الفساد والإفساد، وما علم هؤلاء أن من نمّ لك نمّ عليك، ومن نقل لك خبر سوء سينقل عنك مثله، وإن الغيبة ليس مدارها على اللسان فحسب بل إن الأذن شريكة للسان. 


في هذه المهمة الممقوتة، فاحفظ أذنك عن أن تصغي بها إلى البدعة، أو الغيبة، أو الفحش، أو الخوض في الباطل، أو ذكر مساوىء الناس فإنما خلقت لك لتسمع بها كلام الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحكمة أوليائه، وتتوصل باستفادة العلم بها إلى المُلك المقيم ، والنعيم الدائم في جوار رب العالمين ، فإذا أصغيت بها إلى شيء من المكاره صار ما كان لك عليك، وانقلب ما كان سبب فوزك سبب هلاكك، وهذا غاية الخسران، ولا تظن أن الإثم يختص به القائل دون المستمع ففي الأثر قيل إن المستمع شريك القائل وهو أحد المغتابين، فاحذر أيها المسلم منها واشتغل بعيبك عن عيب غيرك وفتش عن نفسك هل أنت سالم، فربما تعيب الناس وأنت أكثرهم عيبا، وإن كنت صادقا في قولك، مخلصا في نصحك، فوجدت في أخيك عيبا فإن الواجب عليك أن تتصل به وتناصحه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الصادق يوضح تأثير الأورام الليفية الرحمية على عمليات الحقن المجهرى كتبت هدي العيسوي

أحمد الصادق يوضح الفرق بين الحقن المجهرى وأطفال الأنابيب كتبت هدي العيسوي

كتبت هدى العيسوي مجلة اخبار الطبيعة